الجمعة، 9 سبتمبر 2016

انا جئت من ساحة الزنوج: مارتن كارتر

ترجمة: محمد جمال


انا جئت من ساحة الزنوج الأمس
وثبت من كراهية المضطهدين
وإحتقاري لذاتي؛
من عذاب الكوخ المظلم في الظل
وإساءة الأشياء؛
من نهارات القسوة الطويلة وليالي الألم الطويل
نزلت إلى الشوارع الرحيبة للغد، لليوم التالي
جئت واثباً، والذي لا يرى سيسمع.

في ساحة الزنوج كنت عاري مثل مولود جديد
عاري مثل صخرة او نجمة.
كان مهدي أيام عمياء تهتز في الزمن
ممزقة مثل الجلد على ظهر عبد.

كانت أرضية قاسية تلك التي حبوت فيها
على يداي وركبتاي مفتشاً الغبارعن أثر جذر
او علامة ورقة او شكل زهرة.

كنت امشي دائماً حافي القدمين
اقابل وجوه غريبة مثل تلك التي في الأحلام او الحمى
عندما إنقلب العالم رأساً على عقب
ولم يعرف أحد السماء من الأرض
ولم يعرف أحد أي قلب قلبه بين الممزق والجريح
ولم يعرف أحد أي وجه وجهه بين الغريب والمروع
اتجول، متأوه وسط الريح.

وكان هنالك دائماً موسيقى حزينة في مكان ما في الأرض
مثل بوق أو طبل بين المنازل
أصوات نسوة يغنين بعيداً
وقفات من الصمت، ثم طوفان من الصوت.
ولكن هذه كانت اشياء مثل الأشباح وارواح الرياح.
لقد كان مجرد عالم كبير يدور بالخارج.
والرجال، مولودين في الألم، ممزقين بالتعذيب ،
ملتوين ومكسورين مثل ورقة شجر،
وفي الصباح الشاق، أسرة الجوع
ملطخة وقذرة مثل العالم،
كبير وقاس، يدور بالخارج.

جالس مرة عند الشفق قرب الغابة
حيث ذهبت كل الأضواء والطيور
لمحت نجمة صغيرة متاخمة ورقة شجرة،
قطرة صغيرة من الضياء، قطعة من الزجاج،
بجهد تدفع فوق السماء إشراق صغير
مثل بذرة بريق في قدر الكآبة
آه لقد كان القلب مثل هذه النجمة الصغيرة قرب الأحزان
بجهد يدفع ضد العالم كله والشفق الطويل

بريق من حلم رجل يقهر الليل
يتحرك في العتمة والعنف
حتى تتغير أوراق المغيب من الأخضر إلى الأزرق
وتنمو الظلال مثل العمالقة في كل مكان.

هكذا ولدت من جديد جامح وعنيف
اصرخ في العشوائيات.
كانت مدينة ونعش
نهر يجري، سجون ومستشفيات
رجال يسكرون ويموتون، قضاة ممتلئين بالإحتقار
قساوسة وكهان يخدعون اللآلهة بالكلمات
وانا، مثل كلب مشتبك في الخرق
مبرقع بالقروح مرشوش بالغبار
اصرخ بجوع، ناقم على الحياة والرجال.

كان طفل يولد من أم ممتليء بدمها
تنسج نزيفها المميز حياتها في كتل متخثرة.
كان ألم يدوم لساعات لشهور لسنوات
ينسج أنماط، يحكي حكايات، يترك أثر
على الوجه والجبين
حتى جاءت أيام الحديد تصب في المسبك
حيث صنع الرجال مطارق لا يمكن أن تنكسر
وسنادين ثقيلة صلبة وباردة كالثلج.

وهكذا من جديد صرت واحد من العشرة الآف
واحد من المآسي التي لا تحصى مالكة الأرض.
عندما يرتفع القمر فقط العاهرات يستطعن الرقص
موسيقى الجاز النحاسية تنبض وتتأوه
معبئة هواء الليل بالأسئلة الإيقاعية.
كانت القشرة والبذرة تتحدى النار
الولادة والقبر تتحدى الحياة.

حتى يوم في وسط الإضطراب
عندما تغيرت الأرض و تداعى العالم بالكامل
عندما إتحدت أصوات مختلفة لتقول نفس الشيء
وقلوب مختلفة نبضت في إنسجام
حيث الأرضية المؤلمة حيث اعيش
الأرض المراوغة فيها إتخذت هيئة
حملت حياتي الزنجية ،إحتقاري
وقذفتها في وجه اولئك الذين يكرهونني
انه انا الولد الزنجي تحول إلى رجل
موصلاً أصابعي، ولاحماً لحمي بالحرية.

انا جئت من ساحة الزنوج الأمس
وثبت من كراهية المضطهدين
وإحتقاري لذاتي
انا جئت إلى العالم بندبات فوق روحي
جراح على جسدي، وحنق في يدي
انتقلت إلى تواريخ الرجال وحيوات الناس.
متفحصاً وابل البريق وثروة الأحلام.
مسرور بالأمجاد وحزين بالأحزان
غني بالغنى، فقير بالخسارة
من الساحة الزنجية للأمس انا جئت مع أعبائي.
إلى عالم الغد إنتقلت بقوتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق